Close

موظفات أم عارضات(2-2)!

كنتيجة طبيعية لمشاهدة مثل هذه المناظر لم أستغرب كثيرا مما قاله لي مسؤولي -الأوروبي الجنسية – عندما تطرق بنا الحوار إلى الحديث عن الزواج و كيفية اختيار الزوجة المناسبة فقال لي باسما: فتياتكم جميلات و very attractive أي لهن جاذبية خاصة، فسألته بفضول: على أي أساس حكمت؟ فأجابني: هناك امرأة تسكن في نفس البناية التي أقطنها و قد لفتت انتباهي بعباءاتها السوداء المزركشة التي تضفي عليها هيبة ووقار (على حد قوله) متناسقة مع ألوان الكم الهائل من المساحيق التي تضعها على وجهها فضلا على الروائح الزكية التي أشمها كلما ركبت المصعد معها أو مررت بجانبها و هذا ما جعلتني أؤمن بأن فتياتكم very beautiful… !،ثم ما لبث أن سألني مازحا مغيرا لدفة الحوار: ألم تفكر في الزواج من إحدى الشقراوات عندما كنت تدرس في الخارج؟! فلم أجد مفرا من أن أردد المثل (بيني و بين نفسي) لكن هذه المرة مترجم (براقش killed herself) !

لا شك أن التصور غير المنطقي الذي بناه هذا الأوروبي عن الفتيات الإماراتيات و الصورة غير المقبولة التي رسمها لم يأت من فراغ، بل كان مبنيا على صورة معينة انطبعت في ذهنه و ترسخت بداخله نتيجة لاحتكاكه ببعض (القشور) الخالية من أي جوهر أو مضمون و من ثم اعتقد حسب مفهومه الغربي المتحرر أنها تمثل الجانب المضيء من مجتمعنا و التي بالتأكيد ليست مقياسا عادلا للحكم على مجتمع يحاول جاهدا مع هذا الانفتاح الغير محدود أن يحتفظ بما تبقى لديه من خصوصية و خطوط حمراء يجب عدم تجاوزها، لقد خلط هذا الأوروبي بين مفهوم الجاذبية التي تتميز به المرأة الشرقية و بين (التهريج) الذي تقوم به فتيات اليوم و ظن أن هذا السحر الخاص لا يظهر إلا بارتداء أزياء مبتذلة و استخدام مساحيق تجميل زائفة بقدر ما (ترقع) في الشكل الخارجي إلا أنها تقوم بتشويه معالم حشمة النفس الداخلية .

بيدها لا بيد غيرها ربطت الفتاة الإماراتية اسمها و هويتها بمسميات غريبة و سلوكيات خاطئة لم نكن نسمع بها من قبل، فمن أين لنا ما يطلق عليه هذه الأيام اسم العباءة الفرنسية و العباءة الشفافة ، و منذ متى كنا نسمح لفتياتنا بارتداء بنطلونات (الجينز) تحت هذه النوعية من العباءات، و لم أصبح الكثيرات يتساهلن في (لف) الشيلة على الرأس و يتعمدن إظهار خصلات من الشعر قد تتحول إلى (كتلات) في مقدمة الرأس عند خروجهن إلى الأسواق و المراكز العامة ،و قد لاحظت أن الشيلة بدأت تنحسر تدريجيا من على الرأس حتى اكتفى البعض بتعليقها على الكتف مما يذكرني (بمغسلي) السيارات الآسيويين الذين دائما ما تكون مناشفهم معلقة على أكتافهم فهل سنشهد في السنوات القليلة القادمة نوعية جديدة من غسيل السيارات على طريقة (الدراي كلين) باستخدام الشيلة و العباءة؟

و لو تطرقنا إلا دور وسائل الإعلام في محاربة هذه العادات الدخيلة و السلوكيات الخاطئة في مجتمعنا لضربنا كف على كف حسرة و ألما على ما آل إليه الحال، فبدلا من أن تقوم بالتنبيه على مثل هذه الظواهر و التحذير منها و من ثم المساهمة بشكل فعال في إيجاد الحلول المناسبة للتصدي لها، نجد أن أغلبها قد انتهجت منهجا عكسيا فقامت بالترويج لهذه المفاهيم المغلوطة عن بنت الإمارات بانتقاء النماذج السيئة من أهل (العفن) الفني و تلميع صورهم أمام الراي العام عن طريق إجراء المقابلات المطولة على صفحات المجلات و الجرائد و أمام شاشات برامج (البوبس و التوبس) التافهة و كأن مجتمعنا لم ينجب إلا مطربات و مغنيات و لا عزاء للهوية الإمارتية!

موجة

نظرة متفحصة على كثير من الإعلانات التجارية قد تكشف لنا مفاهيم مغلوطة جديدة، فلضمان رواج منتج معين داخل الدولة ما على المعلن إلا أن يقوم بتصوير إعلان بطلته فتاة حسناء ترتدي عباءة مخصرة و شيلة (أي كلام) مع تعليمها بضع كلمات باللهجة الخليجية .. و خير دليل ذلك الإعلان السخيف عن أحد مساحيق الغسيل المعروفة!