Close

يوميات معاكس (2-3)

أستكمل معكم يومياتي المثيرة كمغازلجي محترف كانت له صولات و جولات في عالم الأسواق و المراكز التجارية.

كما توقعت المركز مزدحم بآلاف مؤلفة من البشر ، و كالعادة للجالية الآسيوية نصيب الأسد في مثل هذه المحافل الجماهيرية بدءا من قص شريط الافتتاح و توقيع كشف الحضور و انتهاء بسحوبات السيارات الفاخرة التي يربحونها حتى أصبحت (ماركة مسجلة) بأسمائهم!!

يبدو أن (عزوز فضايح) كان محقا عندما أخبرني أن هذا المركز بافتتاحه سوف يتربع على عرش أكبر المراكز في الدولة و أضخمها بل ربما في الشرق الأوسط بأكمله بعد أن احتل (مشاعر بلازا) القمة لسنوات عدة، لا بد أنني سأجده يتسكع هنا هو الآخر خصوصا بعد أن قام ضباط الأمن في (خواطر سنتر) بالإمساك به عندما حاول معاكسة إحدى الفتيات و تم نشر صوره في الصحف المحلية و أصبحت سيرته على كل لسان هذا بالرغم من مرور شهور عدة على هذه الحادثة … المصيبة أنه لم يرتدع و مازال مصرا على المضي قدما في هذا الدرب الوعر فلو كنت مكانه لاعتزلت مجال المغازلة (الميدانية) و اتجهت إلى سلك التدريب!!

أين أنا؟.. هل أنا في مركز تجاري أم في وزارة؟ ما هذه اللافتات الحماسية؟! (لا للفساد)… (الصدق أمانة و الكذب خيانة) ….( القانون فوق الجميع)…. آه ..يبدو أنهم علقوها نتيجة للمستجدات التي طرأت على الساحة المحلية إثر حملات القضاء علىالفساد الإداري الأخيرة و التي أصبحت حديث الناس في المجالس هذه الأيام، لكن أين المسؤولين عن الفساد التجاري المتمثل في الغش و النصب المنتشر في أسواقنا (عيني عينك) و أين هي جمعية حماية المستهلك.. متى ستستيقظ من بسباتها العميق و تبدأ بتفعيل دورها؟ لا أستطيع نسيان ما جرى لي في إحدى متاجر العطور عندما طلبت من ذلك البائع الخسيس أن يبيعني تولة (دهن عود) فاكتشفت عند عودتي للمنزل أنه استغل سذاجتي في العود و مشتقاته و قام باستبدالها بتولة من إحدى الزيوت الغريبة.. لا أستبعد أن تكون من إحدى مشتقات النفط الخام!

كفاني حديثا و حان وقت الاستكشاف و البحث الجدي عن طريدة، قبل ذلك دعوني أرتدي نظارتي الـ ( CK) الجديدة ذات العدسات (العاكسة الشاملة) أدري أنكم ستهزؤون بي و تقولون: المركز مغطى و الدنيا ليل لكن ما أدراكم أنتم في الموضة فنحن أهل الموضة أدرى بخطوطها!! يا سلام عليك يا سلوم.. كندورة قرنفلية و نظارت عاكسة.. سأستأثر بنظرات الحضور بالتأكيد.. بل لو أنهم أجروا مسابقة في اختيار أوسم شاب.. سأفوز بها حتما!

“طالع هذا شو لابس”……لا عليكم إنه أحد الشباب يتندر بهيأتي و هندامي.. لابد أنه يغار مني و من وسامتي و يخشى من أن أستأثر بانتباه (الحاضرات) و نسي أنه قبل عدة سنوات سادت موضة اللون الكركمي و انتشرت بين الشباب انتشار النار في الهشيم.. كل شيء كان كركمي في كركمي …. كندورة كركمية….. غترة كركمية… حذاء كركمي… حتى الذين كانوا يرتدون العدسات اللاصقة (تكركموا) هم أيضا.. لقد سئمت من التقليد و الجري الأعمى و راء الموضة .. سأخترع لي موضة جديدة..فهل من معترض؟

“هي البدر و النساء كواكب …فشتان ما بين الكواكب و البدر”

اعذروني لم أستطع كبح جماح لساني (الفالت) فجمال تلك الفتاة التي خرجت للتو من متجر (شليويح للعنبر و العطور) غير عادي!.. نسيت أن أخبركم أنني حفظت جميع دواوين الشعر الغزلي منذ أن كنت في المرحلة الابتدائية بدءا من أشعار مجنون ليلى و انتهاء بعنترة صاحب عبلة فكثير من الفتيات يطربن لسماع هذه الأشعار مما يسهل من مهمتي في نصب حبائلي حولهن خصوصا إذا ما تغزلت في ما يرتديه بعضهن من أزياء و تقليعات غريبة، أذكر أني تغزلت ذات مرة لون غطاء (موبايل) إحدى الفتيات فقامت مشكورة بإهدائي إياه!!

ياااااااه….ما هذه الرائحة النفاذة !! جيوبي الأنفية تكاد تتمزق من شدة عطرها! خيرا فعلت فلن أجد صعوبة تذكر في تتبعها و اللحاق بها وسط هذا الزحام اعتمادا على حاسة شمي القوية.. سأراقبها كظلها ريثما تحين الفرصة المناسبة لأهجم عليها و (أرقمها) كما ينقض (بيكاشيو) على خصومه في مسلسل البوكيمون الشهير!!

أففف..أكاد أختنق من هذه الزحمة .. و لا أنكر أني أعشقها فهي البيئة المثالية للمعاكسين أمثالي و مصدر رزقنا الوحيد، جربت أن أعاكس في أماكن عديدة.. عاكست أمام مدارس الفتيات لكنني (حَرمت) بعد أن كاد أن يفتك بي الناطور ، حاولت في المستشفيات و العيادات لكن هدوءها الغريب و سكونها المريب فضلا على رائحة الأدوية الكريهة تجعلني أحس بالكآبة خصوصا بعد أن فقد معظم الناس الثقة في المستشفيات الحكومية و اتجهوا للعلاج في المستشفيات الخاصة، لا يوجد أفضل من الأسواق و المراكز التجارية فالرزق كثير و الصيد وفير، بالطبع ليس كل الفتيات يأتين للمعاكسة لكن صدقوني أنا لا أعاكس إلا عندما أجد تجاوبا من الطرف (المعاكَس).. أنا لا أطمع بأكثر من ضحكة مجلجة أو ابتسامة مشرقة بل إن (رمشة عين) واحدة فقط تؤدي الغرض فأنا بطبعي خجول جدا في تعاملي مع الفتيات!

تابعوا معي الحلقة القادمة… و فيها سأحكي لكم عن بداياتي في عالم المعاكسة مع (نعيمة أنتيكة) و عن بقية مغامراتي في عواطف سنتر..