Close

باي باي لندن!

استوقفني صباح هذا اليوم خبر نشر في جريدة الإتحاد مفاده أن عامنا الحالي وهو 2010 هو الأكثر حرارة في التاريخ !

عندها تذكرت الحوار الهاتفي الأخير الذي دار بيني وبين الوالدة العزيزة حفظها الله قبل عدة أيام والذي تمركز حول الطقس الحار والأجواء المغبرة التي تسود البلاد هذه الأيام والذي جعلها حبيسة المنزل وأسيرة لجهاز التكييف حالها حال أغلب أهالي الخليج المرابطين هذه الأيام.

ومع أنني أكاد أسمعها تردد نفس العبارة مع مقدم موسم الصيف كل سنة وهي: ” يا ولدي هذا العام هو الأشد حرارة” إلا أنه يبدو أن حدسها هذه المرة قد صدق أخيرا!
وتقريبا، كل من أهاتفهم يتذمر من نفس الموضوع وهو ارتفاع شدة الحرارة والرطوبة، كما أن الجميع اتفق على كوني محظوظا بوجودي مع العائلة هنا في أستراليا حيث الجو الجميل والنسيم العليل!

وكعرب وسكان شبه الجزيرة العربية بالتحديد فأظننا قد نجحنا في التغلب نسبيا على درجات الحرارة العالية والتي تأقلم عليها أجدادنا سابقا، والفضل إلى ذلك بعد الله سبحانه وتعالى يرجع إلى أجهزة التكييف الفعالة، التي أرى شخصيا أنها أفضل اختراع في العالم بعد الإنترنت والسيارات، فقد ساهمت بشكل كبير في استمرار الحياة على شبه الجزيرة العربية وإلا كنا انضممنا إلى السلالات المنقرضة من الزواحف و الدايناصورات!

إلا أنني أتعاطف كثيرا مع أصحاب البشرة البيضاء من سكان أوروبا وأمريكا الشمالية المعتادين على الأجواء الباردة شتاء والمعتدلة صيفا، فلا يكاد يمر يوم إلا وأقرا خبرا عن مجموعة من الأهالي (فطست) تاثرا بموجة الحر التي تسود معظم أرجاء العالم هذه الأيام، علما بأن أغلب المساكن والمرافق العامة في أوروبا وأمريكا مجهزة فقط بأنظمة تدفئة للتعامل مع درجات الحرارة المنخفضة شتاء، وقلة قليلة من تم تزويدها بأنظمة تكييف متطورة، دون الأخذ في الحسبان التغيرات المناخية الحاصلة، فمن كان يتوقع مثلا أن تصل درجة الحرارة في بروكسل إلى 40 درجة مئوية وهي أعلى درجة حرارة تسجل منذ عام 1976؟

وأحد الأصدقاء الذي عاد للتو من باريس أخبرني بأن الحرارة لامست عتبة الـ 39 في منتصف نهار إحدى الأيام وأنه ظل طوال ذلك اليوم يلهث وهو يتجول في شوارع باريس من شدة الحر، ولكن المشيئة الإلهية أرادت التخفيف على الفرنسيين والسياح المساكين الذي قدموا هربا من لهيب الخلج فيسر هطول أمطار غزيرة ساهمت في تلطيف الأجواء.
وآخر اختصر إجازته العائلية لتركيا (هذا لو أخذنا بعين الاعتبار سعي تركيا الحثيث للانضمام للإتحاد الأوروبي!) و أقسم أن لا يعود إليها مجددا بسبب الأجواء الحارة التي كما يقول لا تختلف كثيرا عن اجواء الصيف في الدولة علاوة على التعامل الجلف من قبل الأتراك.

ولازلت أذكر منظر تقفاز الفتيات والأطفال حول النافورة الواقعة في ميدان “مارين بلاتس ” وسط ميونيخ هربا من حرارة الشمس الحارقة والتي تسببت في حروق جلدية أصابت أطفالي بسبب تقاعسهم عن استخدام واقي الشمس.

يرجع كثير من العلماء هذه الارتفاعات القياسية في درجة الحرارة إلى ظاهرة (النينو) المناخية أو “الشذوذ الحراري”، وهي عبارة عن تغير مؤقت في مناخ المنطقة الاستوائية بالمحيط الهادي، يُحدث بدوره تأثيرات متباينة على مناطق كثيرة في أنحاء العالم من جفاف وحرائق للغابات، وأمطار غزيرة،.

ولمن لم يسمع بهذه الكلمة من قبل، فـ”النينو” او El Nino تعني بالأسبانية الولد أو ابن المسيح، وأول من بدأ باستخدامها صيادو الإكوادور وبيرو، وذلك بعد أن لاحظو حدوث ظاهرة غريبة مع اقتراب احتفالات أعياد الميلاد، وهي وصول تيار مائي دافئ يجعل مياه السواحل المحيطة أكثر دفئا، مما يؤدي إلى كساد لمهنة الصيد كنتيجة لقلة الأسماك، وهو ما يرغمهم على قضاء هذه الفترة في البيوت مع أسرهم.

وإذا ما استمرت معدلات الحرارة بالارتفاع على نفس الوتيرة، فأظن أنه مع الأيام ستفقد الدول التي تقع في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية بريقها السياحي بما فيها الدول الأوربية التي طالما اعتبرت الوجة المفضلة للسياح العرب والخليجيين، وسوف تتغير الخارطة السياحية بدخول وجهات جديدة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية والتي بحكم موقعها فهي متعارضة الفصول مع نظيرتها الشمالية، كجنوب أفريقيا التي انتعش اقتصادها مؤخرا اثر احتضانها لفعاليات كاس العالم الأخيرة، والأرجنتين وفينزويلا الغنية بالنفط والبرازيل التي سوف تحتضن كأس العالم القادمة في أمريكا الجنوبية، ونيوزيلندا وأستراليا اللتان تشهدان هذا العام إقبالا سياحيا أكبر من العام الماضي الذي تأثر كثيرا بوباء انفلونزا الخنازير.

أظن أن المسألة ليست سوى مسألة وقت لا أكثر قبل السياح “باي باي” لكي من لندن وميونيخ وجنيف وزيلامسي وغيرها من العواصم الأوربية !

———

مصدر الصورة موقع Betterphoto.com

(3489)

15 thoughts on “باي باي لندن!

  1. ربنا يستر بس .. لأن الاحتباس الحراري وكمان ظاهرة نينو اللي أول مرة اسمع بها ستجعل من الثلج ماء ومن الماء بحار وسيتم غمر الاجزاء المطلة علي الشواطيء أما عن مصر فقد سمعت أنه لو لم يحدث تدارك للظاهرة فإنا الدلتا ستختفي بعام 2040 .أي ستصبح القاهرة مدينة ساحلية إن لم يتم غمرها .
    ربنا يستر

  2. أخي أسامة
    أنا الآن في باريس وللأسف الأجواء يمكن وصفها بالحارة فعلا
    إلا أن الطقس متقلب بشكل عجيب
    فأحيانا تصل الحرارة إلى منتصف الثلاثينات
    وفي اليوم التالي تجدها تقف على العشرينات بدون مقدمات
    بالفعل الأجواء الأوروبية متقلبة
    أما عن موضوع ترك السياح لأوروبا فأتمنى أن يقلل من حدة إرتفاع اليورو
    وهذا مهم جدا

  3. الجو في حار جدا هذا ما اسمعه من الاهل والاصدقاء و يتمنون انهم معاي هنا في هولندا
    لكن للاسف حتى هنا لو وصلت الحرارة الى 30 تفطس من الحر بدون اي مكيف او مروحة للاسف تعودنا على البرد
    كذا ال30 هنا كانها 50 في البلد
    واتمنى اليورو يرتفع وماينزل ابدا<<<<< علشان اذا حولنا المكافاة هع هع
    ان شاء الله مع الحر يخف الوجود العربي في اوربا كل ما الفت في المانيا اشوف عرب وبالاخص اهل الخليج

  4. حقيقة كنت اتمنى ان تكون بلادنا العربية مثل تلك البلاد الاوربية ولكن عزائنا الوحيدهو ان ناخذ منهم السى ولا ناخذ منهم الجيد فنحن افضل منهم فى ناحية الاسلام وهذا يكفى ولكن سفرائنا العرب يبدو انهم لاينقلون الصورة الحقيقية للعرب

  5. الحمد لله أنا في بلجرشي وأجواؤنا ولله الحمد أمطار وهواء وضباب على غير العادة في المواسم الصيفية الماضية .
    من يأتي إلينا من أقاربنا في المناطق الأخرى من المملكة لا يستطيعون تحمل الهواء في الليل فهم يعدونه بردًا شديدًا .
    لكن صدقوا فإن هذه السنة هي أكثر سنة ترتفع فيها درجات الحرارة في كل أنحاء المملكة , و الحمد لله أننا نعيش على الجبال 🙂 .

    وفقك الله .

  6. أما بالنسبة للجو الحار فأنا في ألمانيا منذ خمسة أسابيع وإلى الآن فالجو حار مع أيام باردة تعد على الأصابع.
    صحيح أن الجو هنا لا يصل لحرارة جو الإمارات ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود تكييف. وبالتالي فالمباني تصبح كغرف السونا في حرارتها.
    بصراحة الجو يصبح أكثر تقلبا عاما بعد عام, ومن يدري فلعل الإمارات تصبح من البلدان ذات المناخ البارد!

  7. أسامه إذا روسيا أعلنت 17 اقليم منكوب ممن تضرروا نتيجه الحرارة المرتفعه واحتراق المحاصيل وهاي روسيا .. فما بالك بباقي الدول الأوروبيه .. السنه القادمه رمضان بإذن الله بيكون في بداية أغسطس والمدارس ستعلق أبوابها متأخر في شهر يونيو يعني شهر يوليو والمعروف بارتفاع حرارته سيكون إقبال السياح عالي فيه … فعلى الجميع من محبين السفر البدا في حجز رحلاتهم من هذا العام للوجهات التي حازت على رضى معظم السواح

  8. بداية يسعدني التواصل مع مدونتكم لأول مرة.. بعد قراءة الكثير من المواضيع
    نعم درجات الحرارة كل يوم في ازدياد… والكل هرب خشية الحر.. والبرونزاج.. (مع انه حلو) الإ احنا مداومين
    فالكثير من الدول ارتفعت درجات حرارتها بشكل كبير.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه
    هل سيكون الشتاء قارس جداً كحرارة الصيف ؟ لننتظر ونرى

  9. فعلا الصيف لا يطاق والحرارة في ازدياد
    نسأل الله أن يخفف علينا حر النار
    عدنا للوطن من اسبوع وسمعنا
    ما ردده من في أوروبا من السياح
    عن الحرارة …

    الحمد لله الذي رحمنا بأجهزة التكييف

    جزاك الله خيرا

  10. تصدق يا أستاذ أسامة
    كنت أتفاخر على زملائي و أقراني من المصورين بأنني أستطيع الخروج في الصيف بشكل يومي للتصوير
    ولكن هذه السنة كانت الطقس حار جدا ً ولم اخرج إلا بضع مرات وعلى استحياء كما يقولون
    ولكن ارجع اقول أن الحرارة هذه السنة مثلها قبل حوالي 15 إلى 20 سنة مضت
    وخلال هذه السنة ينزل المطر بشكل شبه يومي على مدينة العين و محضة بسبب الروايح و التي سببتها الحرارة العالية التي رفعت نسبة الرطوبة

  11. مرحبا بوعامر … 🙂

    أحببت أن اخبرك عن تجربتي هذه السنة ..حيث رتبت لعائلتي رحلة لأوروبا وكنت متعشما بأن تكون لهم بمثابة مفاجأة جميلة هذا العام …وبصراحة أصبت بالاحباط من الجو البركاني الملتهب في أوروبا … فكنت أرفع من معنوياتهم وأردد باستمرار : لاتحاتون هالحر مابيطول..فترة استثنائية وان شاء الله تستمتعون بجو أوروبا الحقيقي ..ومرت الأيام وكل يوم أشبه بــ( فرن) المناقيش ..!

    انتهت رحلة الحر الى اوروبا …وعدنا بفائدة واحدة هي تغيير المكان فقط ..أما الجو ..فلم يختلف كثيرا عن جونا في الامارات ، كما هو الحال في الفرق بين الكلمتين شوي وقلي…النتيجة واحدة..!

    تحياتي لك..

  12. @بسام: قول إن شاالله بس أزور مصر قبل ما يجف النيل 🙂
    @سراج: أتمنى أن تكون قد استمتعت بإجازتك هناك..و ألا تكون قضيتها وسط النوافير بحثا عن الانتعاش:)
    @رياض: وهذه إحدى عيوب أوروبا وهي تمسكها بالمدرسة الكلاسيكية التيتعتمد على الدفايات فقط:)
    @مبروك: همممم..أظن أن موضوععنا هنا عن السياحة!
    @أسامة الغامدي: يبغينا نجي عندك..بس خليني أعرف وين بلجرشي بالأول…يا ترى هل تصلح للتصوير؟ 🙂
    @عمار: مازلت أذكر معاناتي العام الماضي في ألمانيا..ولم أستمتع إلا عندما انتقلت أنا والعائلة إلى كابرون في النمسا..هناك فقط أحسست أنني في إجازة!
    @عائشة بن بشر: أتمنى ان يكون الوضع أفضل قليلا في سالزبرج حيث تقضيت إجازتك:)
    @العاش: أتمنى أن يكون كذلك.. وأهلا بك في زيارتك الأولى للمدونة.
    @خولة: لكي يستمتع السياح بأوقاتهم فأظن عليهم أن يقدموا مواعيد اجازاتهم..لكن المشكلة ستكون أنه سيضطرون لقضاء الفترة الأشد حرارة في الإمارات!
    @مرشد المهيري: الظاهر نجح الجو السنة في قهرك ههه
    إن شاء الله مثل ما الصيف مميز يكون الشتاء أيضا مميز..
    @عيسى الطنيجي: حيا الله بو سعيد..منور المدونة.. 🙂
    هه حلو تشبيهم بفرن المناقيش..أنا مستمتع هنا في أستراليا في “براد الخضروات”
    الظاهر الواحد أحسن له يروح صلالة ..قريبة ورخيصة:)

  13. السلام عليكم
    أولا هذه اول تعليق لي في المدونة ، ويمكن تكون متاخرة بسبب بعض المشاغل عفوا.
    اما نحنو في ليبيا أو في بعض المناطق يكون الجو في هذا الصيف معتدل أوبارد ومرت علينا ايام قليلة تكون فيها الحرارة مرتفعا والحمد لله علي هذا ، ولكن الناس لايشكرون الله علي هذا وتراهم يتذمرون علي كل حال ولكن لا حظنا أن الموزين قد انقلبت في السنوات الاخيرة أن الشتاء أصبح صيفا والصيف أصبح شتاءا ، وفي الشتاء لاتكاد ترئ قطرة مطر الا بين الحين والحين .
    و لكن في النهاية لا يكون بوسعنا الا أن نقول (اللهم سلم ).

  14. مدينة عدن أكثر مدن العالم العربي حرارة على حسب أعتقادي فمثلاً و أنت جالس في البيت تحت المروحة ستجد جسمك يعرق بشكل فظيع .. أتمنى واحد فقط يروح لها إذا قعد فيها أكثر رجال العالم بدانة وبقي فيها لمدة عامين سيصبح أنحف رجل في العالم .. أخي ذهب من حوالي ثلاث سنوات وكان سمين وفي خلال عام واحد عاد حتى أني لم أتعرف عليه في المطار إلا من نظاراته لدرجة أن عظام صدره كان يظهر فقرة فقرة ! الحرارة هناك لا تطاق خصوصاً عند إنقطاع التيار الكهربي .

    شكرا لك

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *