Close

مضامين سطحية و أبواب مكررة!

اكتشفت أنه كم من السهل جدا القيام بتأسيس مطبوعة عربية ، فكل ما علي أن أقوم به هو حشو المجلة بمجموعة من الترهات و التوافه التي لا معنى لها و التي تسمى مجازا (منوعات) و التركيز على أخبار الفن و الفنانين وضع صورة ساخنة لمطربة أو عارضة أزياء على الغلاف مع اختيار(مانشيتات) لا تقل سخونة و بذلك أكون ضمنت رواجا لهذه المطبوعة الوليدة و شعبية ممتدة من المحيط إلى الخليج.. و ربما تصل إلى القطب الجنوبي أيضا!

فوسط الكم الهائل من المجلات العربية التي تزخر بها رفوف المحال و المكتبات مازلت عاجزا عن إيجاد فروقات جوهرية تجعل المهتمين بهذه المجلات ?لاحظوا أنني لم أسميهم قراء- يفضلون مجلة على حساب الأخرى أو تميزا صارخا يعطي لمجلة الحق أن تلقب نفسها بـ: مجلة العائلة العربية أو المجلة الأكثر انتشارا في الوطن العربي أو مجلة المرأة الخليجية الأولى، فالمضامين متشابهة بل تكاد تكون متطابقة و الطرح السطحي هو الغالب دون أن تلحظ وجود مسار إعلامي محدد، و الأبواب المكررة هي القاسم المشترك لجميع تلك المجلات مع اختلاف المسميات و التي عادة لا تخرج عن نطاق الأخبار المنوعة و مجموعة من التحقيقات الاجتماعية المصورة تليها صفحات لعروض الأزياء و آخر خطوط الموضة و شوارعها، و باب “رأسين في الحلال” أصبح له مكان ثابت في أغلب المجلات لكل لمن يبحث عن نصفه الآخر و كأن الزواج عبارة عن (سوبرماركت) يزخر بالمعلبات المنتهية الصلاحية!، و باب مخصص لصحة العائلة و الاستشارات الطبية، و صفحة للمشاركات الأدبية و الشعرية عادة ما يتولى تحريرها شاعر معروف، و لأصحاب العقد النفسية و المشاكل العاطفية و (….) فقد جندت لهم إدارة المجلة مجموعة من الأخصائيين النفسانيين إلا أنك عندما تقرأ ما يشيرون به من حلول تشك في أنهم قد قرؤوا تلك المشاكل! و إذا كنت تبحث عن آخر أخبار الفنان “راشد الماجد” و قصة شعر “عمرو دياب” الأخيرة و الشائعات التي تحيط علاقة “راغب علامة” بـ”أليسا” و تفاصيل قصص زواجات و طلاقات الراقصة “دينا” و آخر فيلم صوره أميتاب باشن مع جنكيز خان و هولاكو و هلم جرا.. فسوف تجد في الملحق الفني الذي يشغل المساحة الأكبر من المجلة ما يشبع نهمك حول كافة أخبار الفن و الفنانين!

و لإضفاء صبغة دينية على المجلة (ليحلل طاقم التحرير رواتبهم!) عادة ما يكون في آخر المجلة صفحتين لونها (بني) تحوي مجموعة من الفتاوي المنقولة حول الزكاة و الصوم!

زهرة الخليج…كل الأسرة…الصدى.. الأسرة العصرية….سيدتي…جميع تلك المطبوعات رفعوا نفس الشعار و هو مخاطبة الأسرة العربية ، و لا أدري أي أسرة تخاطبها تلك هي تركز على أخبار الفن و الفنانين و تروج بشكل صارخ لمفاهيم الجنس و الإغراء و غيرها من الأفكار الهدامة، أما نسبة (الأسريات) فيها فقد لا يتجاوز الـ 10 %؟ وإذا كانت مثل هذه المجلات تدعي ارتباطهابالأسرة فمجلات مثل الفرحة و ولدي و الأسرة و الشقائق موجهة يا ترى لمن؟

موجــــــــــــة:-
إن أي رب أسرة يجازف بإدخال إحدى هذه المطبوعات إلى منزله فليعلم أنه جلب معه معول الهدم لكل المبادئ و القيم التي يحاول ترسيخها، معول آخر ينضم إلى سلسة من معاول الهدم الإعلامية التي تشمل الفضائيات و إذاعات الإف إم تثبت لنا يوما بعد يوم أننا نعاني من أزمة إعلامية خطيرة جدا!

(933)