الساعة الآن تشير إلى الثامنة و النصف مساء، أي باقي من الزمن أقل من 36 ساعة قبل أن نصل إلى سواحل خورفكان، و كنت قد انتهيت للتو من كوي قميصي الأزرق الذي أدخره عادة لمثل هذه الحظات التاريخية،….حاليا أنا عاكف على لملمة أغراضي و حشرها داخل حقيبة سفري السمسونايت السماوية، لم أجلب معي الكثير هذه المرة العادة لكن هذا لا يعني أن مهمتي سهلة حيث يتوجب علي إيجاد مكان لكم الأوراق و المذكرات التي يتوجب علي حملها!
طرأ على بالي أن أشغل التلفزيون لعله يتمكن من إلتقاط نفحة من بركات الخليج تنتشلني من حالة الملل و التوتر التي أعيشها حاليا، و لم يخيب ظني هذا الصندوق الأسود فإذا به يلتقط إرسال قناة الإمارات مع أننا على بعد عشرات الأميال من أقرب ساحل…القناة غير واضحة تماما لكنني أستطيع أن أميز أحداث المسلسل الخليجي المعروض (و يا فرحة ما تمت) فها هي إحدى القنوات التلفزيون الباكستاني أبت إلا أن يكون لها حضور لتصبح الصورة باكستانية..و الصوت إماراتي!
مازلت في سباق محتدم مع الزمن لإخلاء ثلاجتي الصغيرة مما تبقى بداخلها من تموينات (كرتون الخير) الأخير، لا أعتقد أنه من الصعب القضاء على علب عصير (الكابري سن) الثلاثة و لكن المشكلة تكمن في كيفية استهلاك نصف قنينة مشروب (الفيمتو) المركز و ما تبقى من صحن البقلاوة الدسم في أقل من يومين…. يبدو أنه لا مفر من التخلي عنهما لصالح البحارة!
خطر على بالي قبل عدة أيام أن أتمشى قليلا كعادتي على سطح السفينة بعد فترة من الانقطاع بسبب سوء الأحوال الجوية، و بينما أنا مستمتع بمنظر غروب الشمس إذا بي أسمع أصوات طرطشات مائية غريبة كان من السهل تمييزها من بين هدير الأمواج التي كانت تدك جسم السفينة، إلتفت إلى مصدر تلك الأصوات فوقع بصري على مجموعة من الدلافين كانت تتقافز بكل مرح و سرور على يمين السفينة في منظر جميل يدخل البهجة في النفوس، و تذكرت عندئذ أننا دخلنا للتو بحر العرب الذي تكثر فيه قطعان الدلافين و الأسماك الطيارة و أن رياح (المنسون) الموسمية العاتية سوف تكون لنا بالمرصاد في مثل هذا الوقت من السنة حالما نتوغل أكثر لتجعل السفينة تتمايل يمنة و يسرة بزوايا حادة يتمنى الواحد منا معها لو أن أسماك القرش تقوم بابتلاعه!
(1058)