أرجوكم لا تسألوني عن شحوب وجهي..و عن ذبول عيني و عن ابتسامة فارقت محياي…. لا تسألوني عن جراحي.. عن دموعي.. فقد رحلت عني من أشعلت نار الحب في أعماقي … رحلت من حركت المياه في أنهاري المتجمدة… رحلت من حلقت بي و حلقت معها في سماء الحكايات و الخيالات…. رحلت عني في وقت أنا في أمس الحاجة إليها… لا تسألوني من أنا فأنا لست سوى عاشق متيم بها منذ الأزل.. عاشق حتى قبل أن تقع عليها نظراتي الأُوَل… فمجرد سماع همسها الهادئ يشق سكون الطريق كان يطربني….. يجعلني أنتشي.. كان يذكي بداخلي نار الرجولة و عنفوان الشباب..
معها كنت أشعر و كأنني امتلكت الدنيا…و أنني أسعد رجل على وجه الأرض..و كلما أغمضت عيني أيقظتني صورتها التي لا تفارق مخيلتي أبدا.. و خلال الساعات القليلة التي نفترق خلالها نيران الشوق و اللهفة تكاد تكويني… “فحبك جرى بدمي…نساني كل همي…خلا حياتي غير من بين كل الناس”…لا أتخيل أن أعود و لا أجدك في انتظاري كما تعودت…أعود و لا تقع عيناي أول ما تقع على عينيك النجلاوتين… اللتان تشعان بضوء أزرق كالنجوم تلمع في دجى الليل…..أعود دون أن أمتع ناظري بقامتك الهيفاء التي تشد أنظار الناس و تحسدني عليك…أعود و لا أجد من أرتمي في أحضانه الدافئة… و أسمتع بلمساته الوثيرة الناعمة …و لا أسمع همسك الخافت.. و صراخك الغاضب على الطريق..كيف لي أن أنسى حبك….. و بفضلك تعرفت إلى البنوك ووقعت على الصكوك … و قطعنا الصحاري و مشينا على الشواطئ …..و كانت لنا صولات و جولات .. في المراكز و (المولات)..كيف لي أن أنساك يا حبيبتي .. وكل ما حولي يذكرني بك.. كل شبر… كل متر..فهذا الطريق…و ذاك الزقاق…هذا السوق… و هذا المسجد… هنا تشابكت أيادينا… و هناك تسامرنا و معنا القمر…
رحلت معشوقتي ……رحلت و طيفها يطاردني في كل مكان …….رحلت و ما أصعب الفراق و أقساه… رحلت و تركت خلفها بقايا إنسان … لن أقول لك وداعا..بل إلى اللقاء… إلى اللقاء و سوف تجديني في انتظارك بكل لهفة و شوق عندما ترجعين من الورشة…. رشيقة… أنيقة.. كما تعودت أن أراك …إلى اللقاء يا سيارتي الحبيبة….!!
(932)