Close

شواطئ العاشقين!

مازلت أذكر أيامي الأولى في بريطانيا كيف كان وجهي يحمر و يصفر و يزرق و يتلون بجميع ألوان الطيف إذا ما وقع بصري على شاب و فتاة يحتضنان بعضهما البعض وسط الشارع أو يستغلان الوقت على متن مترو الأنفاق بتبادل قبلة حارة دون أن يحرك غيري ساكنا، إلا أنني سرعان ما تعودت على ذلك لاحقا بعد أن أيقنت أن هذه المناظر (الساخنة) هي جزء لا يتجزء من الحضارة الغربية العريقة و الثقافة الباهرة التي يفخر بها الأوروبيون و التي لا يفهمها أمثالنا من المتخلفين القادمين من دول العالم الثالث، بل انقلبت الآية و صرت أتعجب إذا ما تجولت في مكان ما و لم أشاهد ما تعودت على مشاهدته أينما ذهبت مما يجعلني أشك أحيانا في هوية المكان الذي أنا فيه…فمعقول أن لا يكون بين هذه الجموع الغفيرة عاشق صاحب مشاعر متأججة و غريزة متوقدة يريد أن ينفس عنها لمحبوبه دون أية تحفظات؟ ؟لكنني سرعان ما أستيقظ من نومي و أجد أن (المكان العفيف) الذي كنت فيه لم يكن سوى في الحلم!

تابعت قبل عدة أيام باهتمام ما تناوله الكاتب أبو عوض عن المناظر الخادشة للحياء و الذوق العام التي غزت شواطئ مدينة أبوظبي، و لم استغرب حقيقة من هذا الطرح ليس لأنني تعودت على رؤية ما هو أشد عندما كنت في أوروبا.. و لكن لإيماني بأنها ظاهرة منتشرة منذ مدة طويلة و لكن دون أن يتطرق إليها أحد، بل ما أثار استغرابي حقا هو أن يتم تسليط الضوء على هذه الظاهرة الآن و بعد أن أصبحت الفتن و المغريات الجنسية أمام الجميع سواء عبر ما يعرض على القنوات الفضائية نهارا جهارا في برامج مثل ستار أكاديمي و على الهوا سوا و غيرها من برامج تلفزيونات (الفضائح) و مرورا بالإنترنت و الجانب السيء منه.. فللأسف كتابنا لم ينتبهوا- أو انتبهوا و لكن تغافلوا- إلا بعد خراب مالطة و بعد أن طاح الفاس في الراس فما نشاهده الآن على كورنيشنا الساحر ليس سوى قبلات (على الطاير) و مُقَبِّلات تدور في الخفاء لأمور أخطر بكثير تسلك طريقها نحو العلن شيئا فشيئا حتى يعتاد الناس على وجودها بمرور الأيام و يتبلد ما تبقى لديهم من إحساس إلى أن يصلوا في النهاية إلى قناعة بأن ذلك من باب الحرية الشخصية!

بالتأكيد مثل هذه المناظر الخادشة للحياء لا يود اي منا أن يصادفها لا على الكورنيش و لا في مكان آخر، لذلك أتمنى من المسؤولين أن يتعاملوا مع هذا الأمر بشكل جدي و لا يقومون بدس رأسهم في التراب كما تعودنا فلا بد من صدور قوانين تمنع مثل هذه المهازل و أن يمنح الناس- و بالتحديد لمن مازال يمتلك النخوة و الغيرة على هذا الدين- صلاحية نهر و زجر من يقوم بمثل هذه التصرفات المخلة… عن نفسي لا أعتقد أنني سوف أسكت… فآخر ما أود أن أراه و أنا أتجول برفقة أسرتي منظر عاشقين يتبادلان الغرام على الكورنيش!

و غدا لنا جولة.. و لكن هذه المرة ..في الأعماق…بعيدا عن شاطئ الكورنيش…!!

(881)