قبل أيام تلقيت اتصالا من أحد الاصدقاء البحريين سبق و أن أبحرنا سوية على ظهر إحدى الناقلات، قبل أن ينقطع التواصل فيما بيننا لسنوات، اكتشفت من خلال هذه المكالمة أن هذا الصديق قد أكمل نصف دينه بل ورزق للتو بعروسة جميلة أسأل الله أن يبارك له فيها ويجعلها من الذرية الصالحة.
جرني الحديث مع هذا الصديق إلى ذكريات الماضي بحلوها ومرها عندما كنت أحد المنتمين إلى القطاع البحري قبل أن أقرر في نهاية المطاف رفع راية الاستسلام والاستقرار على أرض اليابس.
قبل أن تتغير ذفة الحديث نحو الشركة التي تغير فيها الوضع تحسن كثيرا في الفترة الأخيرة وذلك بعد التغيرات الجذرية التي قادها المدير العام الجديد، أولى تلك التغيرات الاستغناء عن خدمات ذلك المدير العربي والذي ذكرت في تدوينات سابقة أنه كان واراء استقالة العديد من الشباب المواطنين، وتم أيضا تعديل سلم رواتب العاملين وإن كنت مازلت مقتنعا بأن الزيادة كانت مخيبة للآمال وذلك قياسا برواتب العاملين في باقي القطاعات الحكومية، كما يحسب للمدير الجديد مساعيه الحثيثة في استعادة خدمات الشباب المستقيلين والذين تجاوز عددهم في فترة من الفترات العشرين مواطن، وحرصه على تشجيع الشباب المكافحين في البحر على الاستمرار ودعمهم بشتى الوسائل المتاحة،
أبسط مثال هو خدمة الانترنت التي صارت متوفرة على جميع سفن الأسطول بعد أن كان حلما صعب المنال في فترة سابقة…. باختصار الحياة صارت أسهل بكثير من السابق
وقد أعطت هذه السياسة الجديدة ثمارها سريعا حيث توقف أخيرا نزيف الموارد البشرية وبات للشركة ذخيرة جيدة من الشباب المواطنين يمكن الاعتماد عليهم، عزز ذلك منح الثقة لأصحاب الخبرة منهم ومنحهم فرصة تقلد المناصب القيادية ضمن الإدارة الحالية وهو بلا شك أمر إيجابي جدا يحسب لهذا المدير .
وبالرغم من كل هذه التغيرات الايجابية، تظل هذه المهنة من أصعب و أكثر المهن مشقة خصوصا علينا نحن العرب والمسلمين، المشقة لا تكمن في الارهاق البدني للوظيفة نفسها كما قد يعتقد البعض و إنما تكمن في التعب النفسي الذي يسببه الانقطاع والعزلة عن العالم والبيئة المحيطة، والابتعاد عن العائلة والأصحاب وما يخلفه ذلك من ألم وشد عصبي بحكم ارتباطنا الوثيق بأهالينا، بعكس غيرنا من المجتمعات وبالتحديد الغربية منها التي سيطرت عليها المادة و باتت العائلة تأتي على آخر سلم أولويات الفرد فيها.
في ظل هذه الظروف الايجابية جدا أحيانا أسأل نفسي لو أتيحت لي الفرصة للعودة إلى عملي السابق مرة أخرى هل يا ترى سأعود..و لكن الإجابة وبعد أريع سنوات ذقت خلالها شهد الاستقرار على أرض اليابس والاحساس بأنني كائن بشري سوي:” كلا وألف كلا فالحياة أثمن وأحلى من أن أعيش بين زرقتين..زرقة البحر وزرقة السماء!
صور من أرشيفي البحري:
(5318)
الفاضل/ أسامة
وصوتي لصوتك صدى..
كلا وألف مثلها..!
أحب السمـاء الرحبـة..
أحب البحر العميـق..!
ولكن أن ألتحف زرقاء وأتوسد زرقاء أخرى..!
محال..!
ولكني أعشق الصـلاة في هكذا أجواء..!
أشعر فيها باستمتاع وعزة..!
في أحضان الزرقتين.. للصلاة معان تختلف عن صلاة اليابس 🙂
شكراً لك..
العزيز أسامة:
ياليت تعطينا فكرة
وش نوعية العمل على الظهر السفينة ؟
وكيف نوعية العلافة بين الأشخاص على ظهر السفينة في العزلة؟
حسب ماأتصور أن العزلة تعزز الأخوة بين الاشخاص (هل أنا مخطيء؟)
أخيرا
ياليت تكتب أكثر عن ذكرياتك وعن المواقف اللي حصلت لك
شخصيا احب اكون بعيد عن البشر وعن الزحمة لكن المشكلة مثل ما انت قلت العايلة والاقارب
مافي حد راضي الي على البر يقول يا ليتني بالبحر والي بالبحر يقول يا ليتني بالبر
بس
الحمد لله على كل حال
أتفق معك وأختلف معك في الوقت ذاته
أتفق معك بأن الحياة على اليابسة غيييييييييييييييييير، وأن العمل هناك تكتنفه صعوبات ومشقات نفسية كثيرة، ولكني لا أنكر أن هناك لحظات جميلة بين الزرقتين، أتعمد الان أن أذهب هناك عدة مرات في السنة لمدة يوم أو يومين على الأكثر، للاستمتاع بالزرقتين والهدوء مع النوارس والدلافين اضافة الى صيد السمك، لكن لا خلاف على أن البقاء لأسابيع يقصف العمر
لكني أختلف معك تماما في أن الحوافز مخيبة للامال، بل على العكس هي أكثر بكثييييييييييييير من المستحق، ومن وجهة نظري فان المؤسسة بشكل عام قد أخطأت بزيادة الرواتب والحوافز على هذا النحو
هل من المعقول أو المنطقي أن يكون دخل المتخرج للتو من الجامعة أكثر من نصف مليون درهم؟!!!!!!
“…………. أو غنى مطغيا………….”
أقصد نصف مليون درهم سنويا
قد يحتاج أحدنا أن يخلوا بنفسه عائما بين زرقتين ولكن لا شئ يوازي شعور الاستقرار على اليابسه . في الحقيقه أحلم منذ زمن أن أقوم برحله على متن مركب ،،، أزور عدة موانئ كطائر نورس وأخلوا لعده أشهر أناجي السماء والبوح للبحر ،، أتمنى أن تتحقق الزمنيه قريبا
العزلة ليست دائما شر…العزلة فرصة لتصفية الذهن و التدبر
بين زرقتين هكذا أنسب
يحتاج الانسان ان يصافي روحه بعيدا عن صخب الحياة و ضوضاها
و لكن ان يكون عزلة و ضغط و عمل و مسؤولية على مدة طويلة فهذا صعب..
آمنة…
مثلما تفضلتي الحياة وسط البحر والسماء جميلة ولكن لأيام…أما آن تمتد لأسابيع وشهور… فالمتعة سوف تتحول الى جنون!
عبدالله…
إن شاء الله سأقوم بطرح سلسلة بحرية.. هذا إن لم يتحول إلى كتاب!
سعيد المهري..
الوحدة والعزلة جميلتان.. لكن في حالتي تلك.. لا أظنها ستعجبك…صدقني!
أواب..
صدقني مع ذلك.. فهذه الزيادة تبقى ليست مغرية أو بالعامية (ما تستاهل) هذا اذا ما أخذنا في الحسبان أن راتب الخريج العامل في الدوائر الحكومية راتبه يفوق ٣٣ ألف درهم وهذا يعني أن الفارق لا يتجاوز ٦ أو ٧ آلاف وهو برأيي فارق زهيد مقابل الانقطاع والحياة التي تبقى صعبة وغير مريحة على ظهر السفن
شخصيا لو يعرض علي الآن وظيفة هناك براتب ١٠٠ ألف شهريا فلن أعود!
خالد الحميري..
حياتنا على ظهر السفن ليست نزهة..و إنما عمل شاق مصحوب بعزلة..للأسف أغلب الناس ممن كنت أحكي لهم عن تجربتي على شهر السفن يعتقد أننا كنا نعايش أجواء شاعرية ورومانسية ..للك أنا دائما أقول أن من لم يععش تلك التجربة مستحيل أن يفهم ما كنا نشعر به،،،
على أية حال أتمنى أن تتحقق أمنيتك.. لكن احذر فالبحر غدار!
جنة…
العزلة خير لمن باله صافي و إيمانه قوي لأنها تساعده علر التدبر و التأمل في ما حوله أما من باله مشغول ويعيش هما.. فالعزلة لن تزيده سوى غما وهما… اسأليني أنا!
والله ذكرتنا بالي راح يا أسامة …. لكل زمان دوله ورجال….
الله يرزقهم الإخلاص في العمل و يحفظهم من كل سوء و يرجعهم لأهاليهم سالمين ..
آمين يارب ..
آمين
🙂
حتى السفينة الي في الصورة لونها أزرق !
جميل جدا 🙂
هيييييييييه يا زمن …
ذكرتنا في أيام زمان يا بو عامر …
و سلامي لك
صدقت يابو عامر فالعيش بين الأهل والأحبه خير من هذه المهنه في ظل توفر فرص وظيفية أخرى ولله الحمد .. ولقلة الحافز المادي كما قلت .
أيضاً يكفي أن بمثل هذه المهنه أخطار كبير قد تواجه الموظف مهما كان إتكالنا على الله فلابد من أخذ الحيطه والعمل على البحث عن البدائل ..
صدقت يالغلا