لا أدري لماذا يحصر أغلب الشباب طموحاته و أحلامه في مجرد العمل في القطاع الحكومي فقط، و يلغي احتمال أية خيارات أخرى قد تكون متاحة في قطاعات أخرى من ضمنها القطاع الخاص؟
فلو سألت أي طالب أو طالبة في الجامعة عن خططه المستقبلية بعد التخرج فالجواب يكاد يكون و احد شبه معروف و هو استلام الشهادة و من ثم السعي للحصول على وظيفة حكومية براتب كبير في إحدى شركات البترول، بل تجد الكثيرين منهم لايهتم بمدى توافق الوظيفة مع المؤهل الذي حصل عليه، فتجد خريج الهندسة لا يمانع بأن يشغل مهنة مشرف عمال، و خريجة العلوم الطبية تعمل بوظيفة أمينة مكتبة، المهم في النهاية هو كم الراتب الذي ينزل في الحساب آخر الشهر؟!
نماذج معاصرة
أود في الحقيقة أن أسرد عليكم حالتين منفصلتين لصديقين أعرفهما شخصيا و عايشت قصتهما بنفسي، و كيف تعامل كل منهما مع الوضع الذي وجد نفسه مجبرا على أن يتعايش معه.
الحالة الأولى بطلها صديق تربطني به صلة قرابة ظل يبحث عن وظيفة طوال سنتين كاملتين بعد تخرجه من كلية التقنية بمؤهل في الحاسب الآلي، طرق خلالها أبواب جميع الوزارات و الدوائر و الهيئات الحكومية حتى بات مرجعا لكل من يبحث عن عمل، أذكر أنني قابلته ذات مرة فوجدته محبطا و يائسا من الحصول على وظيفة، و لكنه فاجأني بقوله بأنه عروض والده المستمرة بالعمل معه في مجال التجارة و براتب أكبر من راتب الوظيفة الحكومية، فوالده رجل أعمال معروف و له باع طويل في عالم التجارة، و لما استنكرت رفضه لهذا العرض تحجج لي بأن العمل مع والده ليس فيه استقرار بسبب كثرة الأسفار التي يتطلبها العمل في التجارة!
الحالة الثانية بطلها صديق آخر تخرج من الجامعة قبل عدة سنوات بتفوق حاملا لشهادة في الهندسة، و لظروف معينة لم يتوفق في الحصول على الوظيفة الحكومية التي ابتغاها لنفسه، فلم يضيع مزيدا من الوقت في البحث عن وظيفة أخرى و قرر أن يدخل عالم التجارة معتمدا على نفسه، فاختار له مجال معين رأى أنه يمكن أن ينجح فيه و نجح في تدبير رأس مال صغير، و ابتدا مشواره و كان له بالفعل ما أراد و توسع نشاطه مع مرور الأيام حتى أصبح خلال سنوات قليلة أحد التجار المرموقين في هذا المجال و عضوا فعالا في مجلس إدارة رجال الأعمال بإحدى الإمارات، و باتت الجهات التي رفضت توظيفه سابقا تركض وراءه ليعمل لديها، إلا أنه طرد فكرة الوظيفة الحكومية من رأسه تماما و قرر التفرغ لممارسة التجارة فدخله الآن يبلغ أضعاف الراتب الذي قد يجنيه من أي وظيفة حكومية.
مفاهيم تحتاج إلى تغيير
إذا المشكلة تكمن في انتشار مفاهيم قاصرة عند كثير من الشباب و هي أن الوظيفة هي بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهبا و الراتب الذي يجنيه من وراء هذه الوظيفة يعد رأس مال ليس من الحكمة تركه و عدم استغلاله، فلو افترضنا أن موظف ما يستلم مبلغ 10 آلاف درهم شهريا أي ما مجموعه 120 ألف سنويا مقابل وظيفة قد تكون مكتبية و لا تتطلب مجهود كبيرا أو أن تكون مقابل بطالة (مبطنة) كما هو الحال في بعض الدوائر و الوزارات فكيف له أن يستغني عن هذه الوظيفة؟ و هذا ما قاله لي حرفيا زميل لي كان يرفض التفرغ لتجارته و أعماله المتوسعة في مجال المقاولات مع أنها تدر عليه اضعاف الراتب الذي يستلمه أثناء تواجده في عرض البحر بالأيام و الشهور، و أقرب مثال للواقع هي الظاهرة الآخذة بالانتشار بشكل كبير و هي الازدواجية الحاصلة في سوق الأسهم، فكثير من المرتادين هم بالأصل موظفين حكوميين يستغلون أوقات الدوام الرسمي في المضاربة و شراء الأسهم مهملين لمهامهم الوظيفية الرئيسية و هذا هو مكمن الخلل!
البعض الآخر من الشباب يناضل من أجل الحصول على وظيفة و لكن بمواصفات و مقاييس معينة بغض النظر عن الراتب، لأن الهدف الرئيسي منها هو تبوأ منصب في إحدى الدوائر يمكنه من تكوين علاقات اجتماعية متشعبة و التغلغل وسط صناع القرار لتكون بوابة مستقبلية لدخول عالم التجارة و الأعمال أي باختصار عملية ((استغلال وظيفي))، و ما أكثر الحالات التي تمر علينا يوميا و تنطبق عليها نفس هذه النظرية!
نصيب الأسد
الحديث حول هذا الموضوع متشعب و لكن خلاصة القول أن أبواب الرزق ليست محصورة فقط على الوظيفة الحكومية، و لابد للإنسان أن يضع أمامه عدة خيارات أخرى و أن يمتد نظره إلى أبعد من مجرد الجلوس على كرسي وثير خلف مكتب فخم متقيدا بأوقات دوام محددة، فالمجال واسع جدا و الفرص المتاحة كثيرة …لذلك ضع نصب عينيك أن يكون لك نصيب من هذه الكيكة و ليكن نصيب الأسد…و التوفيق يبقى من عند الله.
(1277)
‘ وهب أن الكل طرق أبواب التجارة , فمن للبترول و الوظائف الحكومية ؟ الإعتدال مطلوب لكن يبدو من المقال أنك تحرض على ثورة ضد الوظائف الحكومية…
سلمت يداك على الطرح وما سبق كان من قبيل المشاكسة ..
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،
موضوع اكثر من رائع من مدونه رائعة ! اخي اسامة شكرا على هذا الموضوع الذي دائما ما شد – مثل الكثيرين غيري – اهتمامي.
لنعود لأسباب هذه الظاهرة التي اسميها ظاهرة : البيت والسيارة و الزوجة والشيشة!.
1. الرؤيه للحياة و للنجاح و القيمة في المجتمع:
كل ما يتطلبه مجتمعنا لكي تكون ناجحا و ذو قيمة فيه ، هو النجاح في المدرسه ، الحصول على شهادة ، الزواج ، شراء سيارة ، و بناء منزل ، و حضور المناسبات العائلية و التي تحصل في القريه الصغيرة. يمكنك ان تقضي كل يومك غير ذلك في تدخين الشيشة او لعب الورق. مبروك انت ناجح!.
الأمر جدا سهل ! كل ما عليك ان تفعله هو أن تحصل على شهادة و تبحث عن عمل حكومي يوفر لك دخلا جيدا و أنتهت قصة نجاحك البطوليه. مبرووووك لقد اصبحت احد أبطال مجتمعنا في العصر الحديث!.
2. الخوف من التجربة ، و عقدة النجاح القصير الأمد ، وعدم المنافسه:
منذ الصغر و حتى اليوم نتعلم و ننقل لأولادنا الرغبة الشديدة في عدم الفشل و عدم تجربة أي شئ مختلف ! كل ما هنالك هو إعادة ما عمل ابائنا للوصول لنفس الشئ الذي حققوه ، اصبحنا كائنات لا تفكر و لا تشك و لا تتسائل و لا تنجز شيئا. للأسف الشديد حتى نجاحات آبائنا لم نصلها في الغالب ، ببساطة لان اقصى ما نستطيع تحقيقه هو ما حققوه ! لذلك ليس منطقيا بأن نحقق جميعا ما حققوه ! فكل اللذي يحدث أننا وضعنا هدفا صغيرا جدا و اعتبرناه مبلغ الأمل ! فكل من حققه بطل ، و من لم يحققه شخص طبيعي ! ليس بطل ! و ذلك شئ منطقي ! لان ليس بمقدور الجميع ان يكونو ابطالا ؟
إذا حاولت أن تبدء بشئ جديد ! ستمطر بأسئلة متشائمة ، حتى قبل البدء ! و عندما تبدء ستمطر بأسئلة من تتطلب منك النجاح من أول يوم ! لا أعرف سببا منطقيا لذلك سوى عقدة الرغبة بالنجاح القصير ! إذا افترضنا بأن المجتمع ليس سلبيا و يحاول أن يكسر جناحيك قبل أن تحلق عاليا.
لا توجد أي نوع من المنافسه التي تشعل الحماس و تزيد من المستوى المتوقع ! فالزوجة التي ستتزوجها عادة ما تكون “محجوزة” لك منذ فترة فلا داعي للإختيار! ، و البيت عادة لن يتطلب كثير من الجهد لتصميمه فأنت لن تصمم البيت الذي تحلم به – اذا كنت ممن يحلمون أصلا – فكل ما ستعمله بعض التغييرات الخارجية ، لكن في الداخل كل شئ مكرر في بيت اخوانك الكبار او حتى ابوك!.
هل سنظل ندور في نفس الحلقة المفرغة ؟
الطبع لا ، و سنتغير حتما ، سواء رضينا بذلك ام لم نرضى ! ، فالعالم حولنا يتغير بسرعة و المنافسه حتى لو لم نتجه لها هي من سيأتي لنا في عقر دارنا ، ابتداء من المنافسه على الوظائف التي تقل يوما بعد يوم ، وإنتهاء بالمنافسه على الزوجة الأجمل (مع احترامي لجميع الزوجات ).
أخيرا لنكون في جانب القياديه والتغيير ، هذه جملة مقترحات:
1.فلنتعلم أن نربى اولادنا على أهداف اكبر واعظم. يجب أن يدركوا بأن الزواج و البيت والسيارة هي أشياء طبيعية بسبب حاجة الإنسان لها ، و لا تحتاج لجهد كبير للحصول عليها.
2.فلنغير مقاييس النجاح لدينا ، يجب أن يحصل الجميع على شهادات الدكتوراه و أن يساهموا بوقتهم أسبوعيا في خدمة المجتمع.
3.فلنفشل اكثر لننجح اكثر. نعم يجب ان نجرب اكثر و ننزع عقدة الخوف من التجربة ، يجب أن نتعلم أن النجاح العظيم يأتي بعد الفشل الأعظم.
4.فلنتقبل حقائق الحياة مثل المنافسه و الرغبة في الفوز ، و الرغبة في الأشياء لانها أهداف مشروعة و طريقة اكيدة لتحريك الطموح.
5.فلنتعلم من الآخر الحرية و التفكير المطلق والخيال الإبداعي ، يجب كسر قوانين ماهو ممكن و ماهو مستحيل في عقولنا.
6.يجب أن نتقبل بأن هذه الكلمات التي هنا ، ماهي إلا مجرد خطوة صغيرة ، قد تتبعها خطوات لتحقيقها و تصحيحها و تحويلها لواقع ، او أن لا تتبعها أي خطوات و بالتالي تتحول لمجرد كلمات رائعة قرأناها في مدونة رائعة.
خالص الأماني.
well done Osama. Mohamed shalabi’s article is brilliant and well put together. I really like(the job,house,wife and shisha ). Its so true brother(.
Again i am sorry i cant write in arabic because i cant find arabic keyboard in toronto.
عزيزي مشكلة حديثي التخرج افتقارهم لرأس المال و الخبرة والمعرفة بالسوق. الافكار النطرية كثيرة والافكار الغيرواقعية اكثر لكن الافكار القابلة للتطبيق والجيدة نادرة لشخص بلاخبرة بالسوق ولا رأس مال
رائد:
بالفعل أنا من أكبر المحرضين على الثورة ضد الوظائف الحكومية… فالوظيفة في عالمنا العربي تقل كل معاني الإبداع في الفرد و تجعله إنسان مسير حاله حال الروبوت.
محمد الشبلي:
أشكرك جزيل الشكر على هذه الإضافة الأكثر من رائعة …نحتاح إلى ثورة لتغيير نمط حياتنا الرتيبة و طريقة تفكيرنا التي تربينا عليها و لو استمرينا في تبنيها ستنشأ عليها الأجيال القادمة و هكذا دواليك..
مبارك:
اشكر لك مرورك.
واقعي:
بل الأفكار كثيرة و بعضها قابل للتطبيق و لكن تنقصها الإرداة و العزيمة و التخطيط الجيد.. و كثير من هذه الأفكار لا تحتاج إلى رأس مال..
الحقيقة مثل ما قال الأخ أسامة ، الأفكار كثيرة ولكن تنقصنا الإرادة والعزيمة والتخطصط الجيد
قمت بشراء محل خدمات معينة موجود وقديم بالتعاون مع زميلين عربيين ، فوجئت بأن صاحب هذا المحل لا يكسب منه الا الشيء اليسير ، مبلغ صافي الربح المكتسب شهريا يوازي راتبي في العمل وزيادة ، ولكن أسدد به ديون هذا المحل ، بصراحة هذا المحل يمشيء بشكل ممتاز ونحاول أن نزيد عقوده ونوسعه لنكسب أكثر ، الحقيقة كنت من أخوف الناس لكني وجدت أناسا يفكرون وسيأخذون جهدا كبيرا عني فبدأت العمل معهم بكل تصميم.
قريبا بإذن الله سنبدأ مشروعا آخر ، رأس ماله لن يتجاوز 75000 درهم ، حتى هذه اللحظة جمعنا نصف هذا المبلغ ولكننا سنضيف عليه لاحقا الباقي وذلك عبر المحل الآنف الذكر ، الكثير من الناس ضحكوا علي لما سمعوا ، العبرة في النهاية كيفية تحريك هذه الأموال والتعامل معها بدقة ، كذلك لدي الزوجة مع أخواتها سينطلقن في مشروع بسيط وفكرة مستحدثة غير معروفة في العالم كله ، وننخشى أن تتسرب الفكرة ، رأس مال الفكرة ما بين 50-100 ألف ، سيضطرون لجمعها جمعا بصعوبة ، المهم الانطلاق.
وضعنا مبلغا محترما في الأسهم وارتفع بارتفاع الأسهم ، قلت لزوجتي (هذا المال مالك) بصراحة لم أشعر بأي رغبة فيه ، المال الذي يأتي بسهولة يذهب بسهولة ، تحب أن ترى مالات تتعب لتحصل عليه 🙂
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،،،
إضافة صغيرة لما تم كتابته ، عن الخبرة و رأس المال:
1. الخبرة لن تأتي من العمل في كرسي المكتب في وظيفه حكومية!!، إسأل كل من على مكتب حكومي ، وسيخبرك انه يحتاج لخبرة !! و سأل اي شخص يقوم بعمل حر او بعمل في احدى الشركات و سيقول لك : الخبرة ليست سوى ما تقوم به في وقتك!.
2. عن رأس المال : بالطبع ستحتاج مبلغ من المال ، لكن هذا المبلغ لن يكون صعبا عليك توفيره لو كنت مستعد ان تشتغل شخصيا فيه ، لكن ان تقوم بعمل حر كل عمله على موظفين مستأجرين ، فصدقني ستحتاج لمبلغ ضخم وهائل. هناك العديد من الأفكار التي يمكن البدء بها من تخصصك و من هواياتك ، لكن انت من يحتاج لعملها و ليس احد اخر مستأجر.
تحياتي
الغالي اسامه
انا من الطلاب اللي يفكر اذا تخرج افكر يكون لي مكتبي الخاص واطبق مجال دراستي في التجاره
ولكن …. انا مثلي مثل غيري اتخوف من الخساه وعدم النجاح من سوف يحميني