Close

لماذا تحتاج إلى جلسة مع مستشار مالي؟

في عالمنا اليوم لم تعد الثقافة المالية خيارًا إضافيًا، بل أصبحت ضرورة أساسية لإدارة الحياة بذكاء واستقرار، ورغم أهميتها الكبيرة إلا أن معظمنا يعاني من ضعف واضح في هذا الجانب، وذلك نتيجة غياب التوجيه المالي الصحيح سواء في المدارس أو داخل الأسرة.

نشأنا نحفظ جداول الضرب ونحل المعادلات الرياضية المعقدة، لكن لم يعلمنا أحد كيف ندير رواتبنا أو كيف نضع ميزانية شهرية للإنفاق ولا متى يجب أن نستدين ومتى يجب أن نتوقف!

والنتيجة؛ أن كثيرين يعيشون في دوامة من الإنفاق العشوائي، تتبخر رواتبهم مع أول أسبوع من الشهر، وتتراكم القروض على كواهلهم عامًا بعد عام.

وبالرغم من  أنني أعتبر نفسي شخصًا منظمًا ماليًا إلى حد كبير، إلا أنني منذ فترة أعيش حالة من الارتباك المالي، خصوصًا بعد انتهائي من مشروع بناء البيت، فلم يعد الشهر ينتصف إلا وأجد نفسي أمام عجز مالي شديد يدفعني إلى السحب من مدخراتي، وهو أمر أدرك تمامًا أنه ممارسة غير صحية.

هذا الاختلال المالي بدأ يسبب لي ضغطًا نفسيًا كبيرًا؛ حيث أصبحت مقيدا ماليا وعاجزا عن ممارسة العديد من الأنشطة التي كنت أمارسها سابقًا وعلى رأسها السفر، وربما يكون هذا الضغط أحد أسباب إصابتي  بـ”متلازمة كورونا”، التي كنت قد أشرت إليها في إحدى تدويناتي السابقة!

مع استمرار هذا الوضع، أدركت أنني بحاجة إلى مستشار مالي يساعدني على تحليل وضعي ووضع خطة إنقاذ مدروسة، وبعد بحث وجدت ضالتي في الأستاذ عبدالله العطر، الذي سخر جهوده وخبراته لتعزيز الوعي المالي عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول القروض والديون والاستثمار.

كنت أتابع الأستاذ عبدالله منذ فترة، واستفدت كثيرًا من مقاطعه التوعوية، مما شجعني على التواصل معه وطلب جلسة استشارية مدفوعة، وبالفعل قبل يومين تم عقد الجلسة، من اللحظة الأولى أعجبني أن الأستاذ عبدالله لم يبدأ باللوم والعتاب كما يفعل بعض المستشارين، بل خلق جوًا مريحًا للنقاش خاصة أنني قد زودت فريقه مسبقًا بجميع التفاصيل المالية من دخل شهري، والتزامات، وقروض، مما أعطاه تصورًا دقيقا عن وضعي الحالي والمشاكل التي أواجهها، لذلك ركزنا وقت الجلسة بالكامل على مناقشة الحلول الواقعية للخروج من هذه الأزمة.

الجلسة استمرت حوالي ساعة، لكنها كانت مثمرة للغاية، حيث طرح الأستاذ عبدالله مجموعة من الحلول المنطقية كثير منها لم تخطر ببالي رغم بساطتها ووضوحها، وهذه أبرز الحلول التي نصحني بها:

  • السعي لإيجاد دخل مصدر دخل إضافي مبكرًا وعدم الاعتماد الكلي على الراتب مع تجنب النمط الاسنهلاكي
  • التركيز على تقليل الفوائد البنكية، لا مجرد تقليل القسط الشهري خصوصا في القروض طويلة الأجل.
  • الانتباه إلى أن بعض الديون الصغيرة تستنزف أكثر مما يبدو على المدى الطويل
  • البدء بتسديد الديون المتفرقة قصيرة المدى لاستغلال الفائض لاحقا في معالجة الديون الأكبر حجما
  • مقارنة العائد من الأصول المملوكة مع تكلفة الدين، وبيع الأصول منخفضة العائد لسداد الالتزامات وتخفيف الضغط المال
  • يجب أن لا يقتصر الاستثمار على العقار فقط، بل اقترح عليّ المواظبة على تخصيص مبلغ شهري للاستثمار في سوق الأسهم المحلية، مع اختيار شركات قوية توزع أرباحا مجزية وتتمتع بمستقبل واعد.

باختصار، كانت الجلسة مع الأستاذ عبدالله بمثابة بوصلة أعادت توجيه تفكيري، وأعطتني أملا بقدرتي على السيطرة على الوضع من جديد، ومن الجدير بالذكر أن اللجوء إلى المستشار المالي يعد ممارسة شائعة وطبيعية في الدول الغربية، حيث تعتمد غالبية العائلات على مصادر دخل محدودة، وتعيش ضمن التزامات قروض عقارية وبطاقات ائتمانية، إضافة إلى الحاجة الدائمة لترتيب الأمور الضريبية.

ببساطة، التخطيط المالي لديهم جزء من نمط الحياة اليومي، وليس أمرًا طارئًا، وهو ما يجب أن نتعلمه نحن أيضًا.

دمتم بود

(3)

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *