Close
الانطباع الاول والاخير

الانطباع الأول هو الانطباع الأخير!

لم يحصل منذ فترة طويلة جدا أن كتبت تدوينتين متتاليتين في أقل من ٢٤ ساعة، لكن ربما يرجع الفضل إلى جرعة الكافيين الصباحية بعد انتهائي من صلاة الفجر..

حسنا مررت بموقف قبل عدة أيام أزعجني قليلا ولذلك وددت أن أدونه من باب الفضفضة وأيضا كدرس لمن يقرأ هذه التدوينة من افراد الجيل الجديد..

فأثناء تواجدي في الكويت طلب مني أحد الأشخاص (لنفترض أن اسمه أحمد لكي يسهل علي السرد) تعرفت عليه مؤخرا عبر منصة الانستاقرام  أن أشتري له عطر من إحدى دور العطور الكويتية المميزة، وقمت بالفعل بشراء العطر الذي طلبه، علما بأنه لم يسبق لي لقاء أحمد فعليا ولكن كانت بيننا محادثات متفرقة عن طريق الرسائل الخاصة انتقلت لاحقا إلى رسائل على الواتس أب.

بعد أيام من عودتي من الكويت اتفقت أنا وأحمد أن نلتقي في إحدى مراكز التسوق لكي أسلمه العطر، لكن من الوهلة الأولى انتابني شعور غريب، فخلاف الاستقبال الفاتر الذي استقبلني به أحمد، كان يتوجب علي تحمل عدة تعليقات سمجة والتي لم يكن لا المكان ولا الوقت المناسب لقولها خصوصا في وجود طرف ثالث أقابله أيضا للمرة الأولى.

حاولت مقاومة شعور الانزعاج الذي كنت أشعر به عن طريق تجربة عدد من العطور في البوتيك بعد أن فهمت أن سبب وجود أحمد والشخص الذي معه هو لحضور حفل تدشين لعطر جديد لإحدى دور العطور الإماراتية الشهيرة، نسيت أن أخبركم أن أحمد هو أحد المهووسين بالعطور أو ما يسمونهم ب (Collectors) وخصص حسابه على الانستقرام لمراجعة العطور.

حان وقت صلاة العشاء فوجدت فيه عذرا ومخرجا للهروب، وخلال الطريق إلى المصلى كان علي أن أتحمل مزيد من التعليقات السمجة من أحمد، وهو مازاد من قناعتي بأن مهمتي يجب أن تنتهي بتسليم العطر ولاداعي لكوب القهوة كما كان متفقا عليه!

اكتفيت بعد الصلاة بجولة أخرى سريعة في المتجر وتجربة مزيد من العطور قبل أن أستأذن من أحمد وصديقه بأنني سأنهي مشوار خاص في المول إلى أني ينتهي هو وصديقه من حضور حفل التدشين خصوصا وأن الجو العام في المتجر وتواجد عدد كبير من الفتيات لحضور الحفل لم يكن مريحا بالنسبة لي، خرجت وأنا في عاقد النية أن يكون هذا اللقاء هو الأول والاخير خصوصا بعد أن علمت من سياق الكلام أن أحمد يصغرني بما لايقل عن ١٢ سنة وهو ما عزز لدي شعور الانزعاج أن تصرفات أحمد كانت خالية من الذوق والاحترام واللباقة والتي من المفترض أن يتحلى بها أي شخص عاقل خلال لقائه مع شخص آخر فمابالك إذا كان الطرف المقابل شخص أكبر منك سنا.

حسنا لست حساسا في موضوع العمر ولدي بالفعل معارف وأصدقاء بيني وبينهم فارق كبير في السن ولكن شرطي الوحيد في أي علاقة صداقة أو معرفة هو وجود احترام متبادل بين الطرفين،ففي هذه المرحلة العمرية والتي أتجاوز فيها منتصف الأربعينيات،صرت أكثر انتقائية ليس فقط للأصدقاء ولكن أيضا للمعارف خصوصا بعد كثير من خيبات الأمل التي أصبت بها من أشخاص كنت أعتبرهم أكثر من أصدقاء.

وها أستذكر بعض العبارات والجمل اللطيفة من كتاب “المرحلة الملكية” للدكتور خالد المنيف والتي تؤكد أن صحة الإنسان العقلية والنفسية هي أغلى ما يملك لذلك من الضروري التخلص من جميع العلاقات المزعجة والتي من شأنها أن تؤثر بالسلب على صحتك وحالتك المزاجية وهو القرار الذي اتخذته حالما ركبت سيارتي خارجا من مواقف السيارات.

لسوء حظي أنني أعطيت أحمد عطر اشتريته من نفس الدار الكويتية لتجربتها وعمل مراجعة لها على أن أسترده في اللقاء القادم، وبما أني قررت أنه لايوجد لقاء ثان فلا أقول سوى عوضي على الله!

 

ما رأيك، هل تؤيد الخطوة التي قمت بها وماذا كنت ستفعل لو كنت مكاني؟

 

دمتم بود 🙂

 

 

(21)

3 thoughts on “الانطباع الأول هو الانطباع الأخير!

  1. في الحقيقة الجيل الجديد أثرت فيه الإنترنت والشبكات الاجتماعية و الانعزال عن المجتمع الحقيقي بطريقة كبيرة، فأصبحت تنقصهم اللباقة الاجتماعية في التعامل مع مجتمع حقيقي، ربما يكونوا أشبه بمن لديه توحد، أي شخص يكون لديه مهارة في وجه ما من الحياة لكن لا يستطيع التعامل مع الناس.
    أنا شخصياً أمس بالذات أحسست أن أبنائي أصبحوا ضحية عندما زرت ابن عمتي وكان معي ابني الصغير، فسأل ابن عمتي ابني الصغير أين أخوانك الكبار، فلم استطع الإجابة ولم يستطع ابني الإجابة، أحسست أنه علي إدراكهم قبل أن ينعزلوا عن المجتمع. مع أنهم يستفيدون من الإنترنت كثيراً في تخصصهم وفي الثقافة العامة إلا أن التوازن مع الحياة الحقيقية مهم. هذا موضوع نحن الآباء علينا أن ننتبه له

  2. راحة بالك أهم، والإنسان بعد ما يوصل الأربعين يتغير وما يكون عنده وقت أو طاقة لأي سخافة أو لأي شخص ما يتعامل باحترام مع الناس، والله يعوضك بسفرة ثانية للكويت 🙂

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *