أسوأ اللحظات التي قد تمر على أي منا اللحظة التي ترده فيها أخبار سيئة كمرض قريب لك أو فقدان عزيز عليك، فما بالكم إذا ما وصلتك تلك الأنباء و أنت وسط البحر تحيط بك الزرقة من كل الإتجاهات دون أن يكون بمقدورك فعل شيء سوى أن تبتلع أحزانك و تكتمها بداخلك حتى تتاح الفرصة المناسبة لك للرجوع و محاولة إدراك ما يمكن إدراكه من فصول تلك المناسبة الحزينة، فصباح هذا اليوم استيقظنا على خبر حزين و هو وفاة والدة أحد البحارة ، و لكم أن تتخيلوا الحالة النفسية التي كان عليها ذلك البحار المسكين و هو يفيق على صدمة رحيل أعز إنسانة على قلبه من غير أن تتاح له الفرصة لإلقاء و لو نظرة أخيرة عليها، و أن الفراق هذه المرة سوف يكون فراقا أبديا لا مؤقتا كما تعود عليه، و ليس بيده سوى معايشة الحقيقة المرة التي تقضي بأنه عندما يعود هذه المرة لن يجد الحضن الدافئ الذي تعود أن يرتمي فيه و لا اللمسات الحانية التي كانت تخفف من همومه و أحزانه و لن يسمع من الضحكات سزى صداها الذ مازال يرن في أذنيه… سيعود و سيجد مكانهاالذي طالما كان مشغولا بها صار شاغرا في نهاية المطاف….و لم يتبق له منها سوى طيفها و ذكراها يلاحقانه في كل مكان يذهب إليه… لا شك أنها لحظات قاسية جدا يسيل خلالها الدمع مدرارا ليغسل هموم القلب و أحزانه …لحظات تخور معها عزائم أعتى الرجال و أصلبهم……لحظات ليس من السهل أبدا التغلب عليها و لا تجاوزها خصوصا و إن تطلب منك الإنتظار لتسعة أيام إضافية حتى تحل رحالك في مياه الخليج بعد أن تعذر عليك اللحاق بقطار العودة من سنغافورة صباح هذا اليوم….
كان الله في عونه…. و كان الله في عون كل من يكون في مكانه… و كان الله في عوننا جميعا عندما نفقد أحباءنا و من يعز علينا..
(1013)