كلام في السياسة.

شدني حوار إذاعي كان يدور بين مجموعة من المثقفين البريطانيين حول الحرب على العراق و التقارب البريطاني الأمريكي بصفة خاصة، فحسب آخر استبيان قامت به تلك المحطةالإذاعية في الشارع البريطاني وصلت نسبة المعارضين للتقارب بين توني بلير و جورج بوش إلى 66% في مقابل 34% فقط يؤيدون التقارب بين الولايات المتحدة و بريطانيا (نسب تقريبية)، و في إحدى المداخلات الهاتفية حث أحد المستمعين رئيس الوزراء البريطاني على توجيه جهوده للتقرب مع الدول الأوروبية المجاورة و غيرها من دول الإتحاد الأوروبي بدلا من التقارب اللصيق الواضح بينه و بين الرئيس الأمريكي و هو ما أطلق عليه مقدم البرنامج اسم (Shoulder to shoulder) أي كتفا بكتف!، و اختلفت وجهات النظر بين الضيوف المتواجدين في الاستوديو ففي حين كان أحدهما معارضا و بشدة لسياسة توني بلير الخارجية و حجته أن بريطانيا دولة أوروبية لها مكانتها العريقة في أروربا و العالم و من الواجب أن تكون لها سياسة واضحة و مستقلة ليس بالضرورة أن تكون متفقة مع سياسة الولايات المتحدة، كان الضيف الآخر مؤيدا و بشدة داعما كلامه بأدلة على متانة العلاقات الرسمية و خصوصيتها بين الولايات المتحدة و بريطانيا و ما يجمعهما من خلفيات تاريخية متشابهة!

ما كنت أجهله و علمته من خلال ذلك الحوار هو أن غزو أمريكا الحالي على العراق و غيرها من حروب الإرهاب المزعومة حول العالم تخلف وراءها ما يصل نسبته إلى 25% من مسببات التلوث بأنواعه على الكرة الأرضية مع أن عدد سكان أمريكا لا يتجاوز 5% من مجموع سكان العالم!

انقسم الرأي العام الفلسطيني و العربي بعد وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، و كثرت النظريات و الفرضيات على رأسها فرضية التسميم من قبل الإسرائيليين و ما يدعم هذه الفرضية هو توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون الدائم بتصفية عرفات جسديا و وضعه على رأس لائحة المستهدفين من قبل إسرائيل هذا بالإضافة إلى التدهور الصحي المفاجئ لحالة الرئيس الفلسطيني دون أية مقدمات، في حين هناك من يأكد بأن مؤامرة قتل الرئيس قام بها مجموعة من المقربين للرئيس الراحل و من داخل الدائرة المحيطة به و لكن بإيعاز صهيوني، نظرية المؤامرة التي يهوى العرب في كل مناسبة العزف على أوتارها يؤيدها أكثر من 83% مقابل رافضين لا تتجاوز نسبتهم الـ 17% حسب استفتاء تلفزيوني أجرته قناة العربية الإخبارية.

عموما ليس بمقدور أحد الآن نفي أو إثبات هذه الإدعاءات فالكلمة الأولى و الأخيرة سوف تكون للتقرير الطبي الذي سوف يصدر من المستشفى الفرنسي، نسأل الله أن يرحم الرئيس ياسر عرفات و أن يتغمده بواسع رحمته.

مخطئ كل من يعتقد أنه سوف تتم إدانة الجندي الأمريكي الذي شاهده العالم أجمع على شاشات التلفاز و هو يقتل جريحا عراقيا أعزل التجأ إلى إحدى المساجد بالفلوجة، فوسط الخراب الظاهر في الصورة ليس من الصعب تأليف قصة قصيرة على الطراز (الهوليوودي)، مفادها بأن الجريح العراقي كان يحمل سلاحا بيده –ليس أقل من مدفع هاون!- مما اضطر الجندي الأمريكي لقتله دفاعا عن النفس، تدعم تلك القصة شهادة مزورة من أحد زملائه الجنود ليضمن بذلك براءة سجله من كافة الاتهامات الموجهة إليه بل لا أستبعد أن يكرم ذلك الجندي بالأوسمة و النياشين من قبل الكونغرس والبيت الأبيض لمساهمته الفعالة في التخلص من أحد إرهابيي الفلوجة، فما أسهل تلفيق أحداث هذاالسيناريو من قبل إدارة لها باع طويل في الكذب و خبرة كبيرة في خلق التهم و الافتراءات في مقدمتها كذبة أسلحة الدمار الشامل التي ضحكت به أمريكا على العالم أجمع و اتخذته حجة لغزو العراق!

(1080)