Close

حين تدرك أنك لم تكون أولوية في يوم ما…

كنت أظن أنّ بعض العلاقات راسخة، لا تهزّها المسافات، ولا تغيّرها تقلبات الحياة، كنت أعتقد أن النية الصادقة والاهتمام الحقيقي كافيان لبقاء الصداقة، لا سيّما مع من نعتبرهم مقرّبين.

لكن الواقع كان مختلفًا.

كان لي صديق عزيز، ظننته الأقرب، فعلاقتنا ممتدة لاكثر من ٢٠ سنة، عملنا فيها لفترة في مكان واحد، سافرنا سوية عدة مرات، تشاركنا لحظات الفرح والحزن..

لكن مؤخرا بدأت ألاحظ ابتعاده التدريجي، فمكالماتي لاتستقبل بنفس الحفاوة المعتادة، و رسائل (واتس أب) لا تقرأ إلا بعد عدة ساعات ولا  يُرد عليها إلا بعد أيام، تحجج دائم بالظروف ومشاغل الحياة وكأنه هو الوحيد المشغول وغيره لا، مواقف تكشف أنني لم أعد في قائمة أولوياته، وربما لم أكن يومًا فيها، فحضوره أصبح غائبًا، وتواصله باهتًا، واهتمامه لم يعد موجودًا.

كنت أبرّر له في البداية… وربما كنت أهرب من الحقيقة، لكن بعد سلسلة من المواقف، اتّضح لي أن العلاقة تسير في اتجاه واحد فقط… وأن البقاء فيها استنزاف لا مبرر له…

والأغرب من ذلك، أنه حينما حاولت مبادلته نفس الأسلوب، تعاملت معه بجفاء بسيط أو تأخرت في الرد كما كان يفعل، لم يعجبه الأمر، وبدأ يشتكي ويعاتب!

تناقض عجيب… أن يستكثر عليك ما كان يُمارسه عليك لوقت طويل، وكأن التقدير واجب عليك وحدك.

لم أعاتب، ولم أطلب تفسيرًا….كل ما فعلته أنني انسحبت بصمت… لا ضعفًا، بل حفاظًا على كرامتي،، فقد تعلّمت من هذه التجربة أن تقدير الذات ليس خيارًا، بل ضرورة، وأن الاستمرار في علاقة لا يُقابل فيها العطاء بالاحترام، هو نوع من الإهمال الذاتي ونكران للذات…

والدرس الأهم، أن العائلة هي الأصل، هي الثابت، وما سواها يبقى في الهامش مهما بدا قريبًا.

هذه الحقيقة التي كنت غافلًا عنها لسنوات… وهي التي كان صديقي يطبّقها بذكاء، فقد كان حريصًا على أسرته، مخلصًا في وقته معهم، بينما أنا كنت أوزّع نفسي على الآخرين وأترك الأصل خلفي.

عرفت هذا متأخرًا… لكن لا بأس، أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا.

قرأت لأحدهم تغريدة جميلة وهي أن لكل مرحلة في حياة الانسان مجموعة من الأصدقاء يرحلون بانتهاء هذه المرحلة ويأتي غيرهم، هذه هي طبيعة العلاقات،،

اليوم، لا أعاتب، ولا أبرر، ولا ألتفت….لذلك…أغلقت الباب بهدوء… ومضيت..

دمتم بود

(29)

1 thought on “حين تدرك أنك لم تكون أولوية في يوم ما…

  1. حدث هذا معي تمامًا، صداقة امتدت لأكثر من ١٠ سنوات، تدوينتك ذكرتني بطييف ذكريات كبير
    على أي حال التدوينة تذكرة جيدة لي بأن الحياة تمضي وأن الأولويات في العلاقات تحتاج إلى مراجعة كل فترة
    أتمنى لك علاقات طيبة في حياتك وكل عام وأنت بخير

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *