“على نفسها جنت براقش”! دائما ما أردد هذا المثل العربي الشهير عندما أتأمل واقع كثير من الفتيات هذه الأيام، و أشاهد بعيني مدى التبرج و السفور الذي وصلن إليه كنتيجة طبيعية للهاث المتواصل و الجري الأعمى وراء تقاليع الموضة الغربية المنحلة دون الالتفات إلى موافقة ذلك لتعاليم الشرع و العادات و التقاليد من عدمه، ناسيات أو متناسيات أن مثل هذه التصرفات الغير مسؤولة لفئة قليلة قد أدت في النهاية إلى رسم صورة مختلفة تماما لفتاة الإمارات المعروفة باحتشامها و التزامها بالدين ،و ترسيخ مفهوم هوية جديدة دخيلة على مجتمع مثل مجتمع الإمارات المحافظ و كل هذا بمساعدة وسائل الإعلام التي لم تألوا جهدا في تشويه ما نبقى من هذه المعالم و فتح الباب على مصراعيه أمام شبيهات (فتيات البهار) و من هم على شاكلة المراهقة (برتيني سبيرز).
آخر مرة رددت فيها هذا المثل عندما وقفت أمام باب إحدى غرف الأشعة أتأمل ملصق من الملصقات الطبية التحذيرية في إحدى المستشفيات الحكومية ، و كان هذا الملصق خاص بالنساء الحوامل و بحذرهن من مغبة التصوير بالأشعة حرصا على سلامة الجنين، و لا أدري حقيقة هل كان ذلك الملصق موجه فقط للنساء المواطنات اللواتي يترددن على المستشفى أم أنه ملصق عام لجميع النساء الحوامل حيث صورت المرأة التي في الإعلان و هي ترتدي عباءة مطرزة و تضع شيلة خفيفة على ربع الرأس لتظهر معها (الكشة) التي هي أشبه بغابات السافانا الاستوائية، ويبدو أن صاحبة الصورة (المبرقعة) نسيت نفسها تماما عندما (تكحلت) لدرجة أنها قامت بوصل عينيها بأذنيها و كأنها تظن نفسها إحدى بطلات فيلم الخيال العلمي الشهير (ستار تريك) ،و كل هذا و هي على أساس أنها حامل!!
موقف آخر عندما قمت بمراجعة إحدى المؤسسات الوطنية مستغلا فترة (التنزيلات) في الأسعار، فأول ما قابلت عند مكتب الاستقبال فتاة أشبه بدمى الزينة التي تعرض على واجهة محلات الأزياء حيث لم تدع أي لون من ألوان الطيف-و ربما اخترعت ألوان من عندها- إلا و قد طلت به وجهها المسكين و تعطرت بعطور نفاذة رائحتها أشد فتكا من الأسلحة الكيميائية و التي أجبرتني و أجبرت غيري من المراجعين على التقهقر لأمتار عديدة خوفا من الدخول ضمن نطاق دائرة التأثير و تجنبا (لسين جيم) الزوجات في البيت، و من ثم أكملت طريقي إلى الداخل و أنا أردد من جديد (جنت على نفسها براقش) لأفاجأ بوجود ما لا يقل عن ستة فتيات على شاكلة عارضة الأزياء أقصد موظفة الاستقبال السابقة، كل واحدة منهن تجلس خلف مكتب مستقل و أمامها طابور من المراجعين (ليس مراجعات!!) و على نفس الوتيرة عروض أزياء مثيرة و روائح عطرة و لا ينقص تلك المؤسسة إلا أن تسمح بافتتاح (مقصف) لبيع العطور و أدوات التجميل !
توجهت لإحداهن لإنهاء معاملتي بعد أن وجدت أنها أكثر (عارضات الأزياء) احتشاما،و ما أن اقتربت حتى اكتشفت أن ثلاث خصلات قد تدلت على جبينها (باستحياء).. و كأنها تقول للمراجعين:” ترى اللي عدالي مب أحسن عني” طبعا هذا بناء على ميزان التفاضل الأعوج لدى الكثيرات، و لم أستغرب كثيرا مما رأيت لأن ما شاهدته في فرع آخر تم افتتاحه حديثا لهذه المؤسسة كان أعجب حيث اكتشفت أن ذلك الفرع قد تم (تأنيثه) بالكامل بدءا من مسؤولة الفرع إلى الموظفات،و كم تمنيت لو أن الشركة أكملت جميلها و خصصت ذلك الفرع للنساء المراجعات فقط بدلا من فتح الباب على مصراعيه أمام الجميع و كأنه أنشئ بالأساس (كوقف خيري) للشباب الذي تزاحموا على ذلك الفرع بالذات!
من المعروف أن الدوام يبدأ يوميا الساعة السابعة و النصف صباحا في أغلب الوزارات و الدوائر الحكومية بينما هناك مؤسسات و شركات تشترط على موظفيها أن يكونوا متواجدين في تمام الساعة السابعة، فبالله عليكم متى يجد هؤلاء (العارضات) الوقت الكافي لإنجاز عمليات (الصبغ و السمكرة) قبل حضورهن للدوام؟! ما توصلت إليه هو أن البعض يقمن بالتجهيز مبكرا من الليل ثم يغطين رؤوسهن (بكيس نايلون) حتى لا تفسد التسريحة و (الميك آب) إلى أن يحين وقت الدوام في صباح اليوم النالي!
و للحديث تتمة…